17‏/02‏/2011

تكمله-الشيطان, سيد المسوقين

عندما كنت اعيش في الولايات المتحده, كنت اصاب, في احيان كثيرة بالاكتئاب. فكنت انام النهار واسهر الليل امام التلفاز. كنت ارى اعلانات مطوله عن بضائع غريبه, بعضها واضح العيوب اما البعض الآخر فكنت حائرة امام ابداع من ابتكره, واتساءل, يا ترى فيم كان يفكر حين جاءته فكرة المنتوج؟ كنت ارى الخيارات الكثيره من كل شئ فتفقدني صوابي وانا التي لم اعتد سوى لونا واحدا من كل شئ وغالبا لم يكن حتى هذا اللون متوافرا. كنت اذهب للتسوق فارى على الرف عشرين لونا من السمن وعشرة الوان من الخبز, هذا لمرضى السكري وهذا لمرضى الكوليسترول, هذا مع النخاله وهذا مع السكر, هذا كبير وهذا صغير. عصير برتقال فيه لب وعصير برتقال خال من اللب وعصير برتقال فيه "بعض اللب" هل هناك قوم يلاحظون فعلا الفرق بين وجود اللب او بعض اللب في العصير؟ لايظهر الشيطان للناس بهيئة قبيحه, بعينين مشقوقتين طولا, وانف كبير وفم تخرج منه النار وقرون وحوافر ,لانه يعرف انهم سيهربون منه. وكذلك الافكار التي يروج لها, فهو لا يوسوس للناس بان هذا عمل قبيح, لانهم سوف لا يفعلونه, لكنه يصوره على انه عمل حسن "انت مشتت و تحتاج الى الراحه, لا تصل الآن, سوف تكون صلاة ناقصه. هل تريد ان توصل صلاة ناقصة لله تعالى؟ ارتح الآن وابدأ بداية جديدة غدا صباحا." وشيئا فشيئا, لا يعود محتاجا لان يذكر الله ليجعلك تستمع. ثم لايعود محتاجا لان يوسوس لك, فانت تفعل ما يقول دون ان يحتاج هو الى الكلام. هذا يسمى "المسخ الباطني" حيث تنقلب الموازين لدى المرء ويرى الخطأ صحيحا والصحيح خطئا. الصلاه, نعم, الصلاه. صلاة المسلمين الى خالقهم خمس مرات في اليوم هي كما وصفها رسول الله ك "نهر على باب بيت المرء, يغتسل منه خمس مرات في اليوم فلا يبقى على بدنه من الدرن شئ." تبدا متاعب اغلبية الناس حينما يتركون الصلاه. انهم يقطعون بذلك صلتهم مع الله فينساهم الله. وتكبر مساحة السواد في القلب ويأخذ البياض بالاضمحلال. ولاشئ يودي بالبياض في القلوب اسرع من ترك الصلاه. نبدا بتأخير صلاة الصبح ثم تركها. ثم نؤخر صلاة الظهر الى قريب الغروب. ثم نترك الصلاة باجمعها يوما ونصليها يوما. بعد ذلك, نبدأ بالانشغال او نشعر بالنعاس في وقت الصلاة تماما, حتى اذا انقضى الوقت, صحونا من الاغفاءه او انتهينا مما كنا نفعله. ونستمر على هذا المنوال حتى نتركها تماما. وتظل هناك, قابعه في ركن قصي من كياننا, تنتحب وتئن, وتسبب لنا الما ممضا لكننا نفضل تجرع الالم على محاولة العوده الى الصلاه فانها تسبب لنا قلقا و اضطرابا نفسيين ونحن ننتظر ان تتحسن حالنا النفسيه لكي نصلي. هل بيدو هذا السيناريو مألوفا؟ اريد ان اعرض احدى الصور واترك الحكم للقارئ: قمت بتصوير فيديو لابنتي وهي تلعب, وحين كنت اتفرج على الفيديو, جاءت ابنتي, فانزعجت من مجيئها ودفعتها جانبا لاكمل النظر الى الفيديو! هل هذا سليم؟ نعشق التصوير اكثر من الناس الذين يتضمنهم التصوير؟! التصوير يخدعنا, يقتطع لحظة من السعاده ليوهمنا اننا نعيش في سعاده وقلوبنا تقطر دما. ولكن... ما يهمنا ان كان كل شئ يجري تماما عكس ما نريد؟ فنحن سعداء في الحياة. اليس الفيديو يقول ذلك؟ وهل يستطيع احد ان يعارض ما يقوله الفيديو؟ نحن ننشغل بوضع المساحيق على وجوهنا وايدينا قبل ان ننام بدل ان نتوضأ ونقرأ الاوراد, مع ما في ماء الوضوء وتركه على الوجه من فوائد كثيره للبشره قد تفوق فائدة المساحيق ودع عنك الاشعور بالصفاء الروحي والارتقاء والاحلام الطيبه التي تاتي باجوبه لمعضلات الحياة الكثيره. ولكننا نستسهل وضع المرطبات ونصيره جزءا من الروتين اليومي. فيما نستثقل الوضوء ولا نستطيع اداءه لسبب او لآخر. كوب من الشاي هو سبب جميع المشاكل بالنسبة لي. هذا السائل الاسود الغير مؤذي ظاهريا كاد ان يدمر حياتي لولا عناية الله. فحين اشرب الشاي (من 4-5 مرات في اليوم) اشعر برغبة في الجلوس والاسترخاء وتناول بعض المأكولات مع الشاي. وما دمت احضرت الشاي و المآكل, اذن لاشاهد التلفاز. قبل ان افهم ما الامر, اكون قد ضيعت ثلاث او اربع ساعات من حياتي واكلت ما يزيد عن حاجتي من الطعام لاسبوعين. *احب ان اعلن ان من لديه مقال يناسب موضوع المدونه فليقم بارساله وسنقوم بنشره تحت اسم صاحبه*