16‏/04‏/2011

يهوديه حسيديه الجزء الثاني

وكان عدد أعضاء هذه الجمعيَّات كبيرًا إلى درجةٍ غيرِ عاديَّة؛ حيث كان يَصِلُ إلى خُمْسِ عدد السكَّان حسب التقديرات الرسمية، وإلى نحو نصفهم حسب التقديرات الأخرى، وكان أتباع هذه الفِرَق يتبعون أشكالاً حلوليَّة مُتَطرِّفة، فالسكوبتسي طالَبُوا بالإحجام عن الجِماع الجنسي، ولكنَّهم كانوا يقومون في الوقت نفسه بتَنظِيم اجتماعات ذات طابع جنسي جماعي داعر. مفهوم التساديك: قِيادات هذه الجماعات كانوا يتسمَّون بأسماء غريبة مثل: (المسيح) أو (النبي) أو (أم الإله)، فقد كانوا يُؤمِنون بأنَّ القيادة هي تَجسِيدٌ للإله، تمامًا مثل المسيح. وأقرب الجماعات النصرانية المنشقَّة إلى الحسيدية هي جماعات الخليستي، وذهب قادة هذه الجماعة إلى أنَّه حينما صُلِب المسيح، ظلَّ جسده في القبر، أمَّا البعث فهو هُبُوط الروح القدس؛ بحيث تحلُّ في مَسِيحٍ آخَر هو قائد الجماعة؛ لذا فإنَّ قادتهم مُسَحاء قادِرون على الإتيان بالمعجزات، ويحلُّ فيهم الإله! والواقع أن مفهوم (التساديك) في الحسيدية قريب جدًّا من هذا؛ فالتساديك هو القائد الذي يحلُّ فيه الإله، وعادةً ما يَتِمُّ توارُث الحلول؛ لذا فإنَّنا نجد أن قِيادات الخليستي يكونون أسرًا حاكمة، يتبع كلَّ واحدة منها مجموعةٌ من الأَتْباع، وهذا ما حدث بين الحسيديين أيضًا. بل إنَّ التماثُل في التفاصيل كان يَصِلُ إلى درجة مُدهِشة؛ فكان الخليستي يعيشون بعيدًا عن زوجاتهم؛ باعتبار أن الإله إنْ شاء أن تحمل العذراء لحملت، وهذا هو موقف بعل شيم طوف، برغم أن فكرة (الحمل بلا دنس) أبعد ما تكون عن اليهودية؛ فعندما ماتت زوجته وعُرِض عليه أن يتزوَّج من امرأة أخرى، احتجَّ ورفض، وقال: إنه لم يُعاشِر زوجته قط، وإن ابنه هرشل قد وُلِد من خلال الكلمة "اللوجوس". وكان دانيال الكوسترومي (1600 - 1700) من أهمِّ زُعَماء الخليستي، وُلِد ابنه (الرُّوحي) بعد أن بلغَتْ أمُّه من العمر مائة عام، وكذلك بعل شيم طوف وُلد - حسب الأساطير التي نُسِجت حوله - بعد أن بلغَتْ أمُّه من العمر مائة عام. والخليستي يرتَدُون ثِيابًا بيضاء في أعيادهم، وكذلك الحسيديون. والخليستي يُعِدُّون أنفسهم - من خِلال الغِناء والرَّقص - لحلول روح المسيح فيهم، وهذا قريبٌ من تمارين الحسيديين أيضًا. والمضمون الفكري الاجتماعي لكلٍّ من الخليستي والحسيديين مضمونٌ شعبي يقف ضدَّ التميُّزات الطبقية بشكل عام، وفي هذا المناخ ظهر "الدراويش" الذين يحملون اسم (بعل شيم)؛ أي: (سيِّد الاسم)، وهم أفراد كانت الجماهير البائسة تتصوَّر أنَّهم قادرون على معرفة الأسرار الباطنية، وإرادة الإله، وطرد الأرواح الشرِّيرة من أجساد المرضى، كما أنهم كانوا يَتَّسمون بالتدفُّق العاطفي الذي افتقدَتْه الجماهير في الحاخامات، وظهرت الحسيدية بحلوليَّتها المتطرِّفة، وبريقها الخاص، ورموزها الشعبية الثريَّة التي تَروِي عَطَشَ الجماهير اليهودية الفقيرة التي كان يُخَيِّم عليها التخلُّف. *احب ان اعلن ان من لديه مقال يناسب موضوع المدونه فليقم بارساله وسنقوم بنشره تحت اسم صاحبه*

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق